لطالما أدت التقنيات دورًا مهمًا في قطاع الرعاية الصحية. فمنذ أول نظام طبي حوسبي في السبعينات، إلى تقنيات البلوكتشين وأتمتة عمليات الروبوتات اليوم، والتقنيات لها القدرة على تغيير ملامح القطاع الصحي ككل. كما يمكن تحديث التقنيات الأساسية وتغيير تجارب المرضى عن طريق دمج العلوم السلوكية في الرعاية السريرية والمتنقلة المقدمة للمرضى.
لذلك فهذا المقال يناقش ما يلي:
- دور العلوم السلوكية في الرعاية الصحية
- الاتجاهات الواعدة في الرعاية الصحية الرقمية
- أمثلة بارزة لتطبيقات التقنيات السلوكية
التلعيب
بمساعدة خبراء السلوكيات، طور مقدمو خدمات الرعاية الصحية تقنيات التلعيب الصحي لتحفيز الممارسات الصحية السليمة. ونتيجة لذلك، زادت شعبية أساليب مثل برامج الحمية المستهدفة، والخطط التنافسية للحفاظ على اللياقة البدنية، وتشجيع أخذ الأدوية بانتظام، ومجموعات الدعم على الإنترنت للإقلاع عن التدخين والمخدرات، وأصبحت هذه الأساليب تحفز بشكل كبير تغيير السلوكيات. فهذه الاستراتيجيات تحسن تجارب المرضى، كما أنها فعالة بالنسبة لمقدمي الخدمات الصحية، إذ أنها تحسن جمع البيانات ومتابعة المرضى وسرعة تقديم الخدمات [2].
من أبرز الأمثلة على تلعيب الخدمات الصحية باستخدام التقنيات تطبيق Mango Health الذي يتتبع تناول الأدوية بانتظام ويبعث تذكيرات بشأنها ويشجع عليها. بالإضافة إلى تطبيق Vivofit Jr الذي يشجّع ويحفّز على النوم السليم والأنشطة الصحيحة والممارسات الصحية الجيدة في طب الأطفال.
الواقع الافتراضي
تنص نظرية الحد من عدم اليقين على أن الناس يميلون أكثر للمشاركة في شيء ما أن كانوا متيقنين من كيفية سيره ونتائجه [3]. وينطبق هذا المفهوم أيضًا على الرعاية الصحية، فعندما يمكن للمرضى مشاهدة العمليات الطبية ونتائجها، فهم يكونون أكثر ميلًا للخضوع لها، كما ينطبق الأمر ذاته على مهني القطاع. ونظرًا لأن البيئات التفاعلية تكون أكثر جاذبية وتساهم في تسريع التعافي، فمن الطبيعي أن تتوجه مؤسسات الرعاية الصحية إلى تقنيات الواقع الافتراضي التي تشمل كلًّا من عنصري المشاهدة والتفاعل.
يساهم الواقع الافتراضي في الرفع من مستوى رعاية المرضى وممارسة الطب بفضل المحاكاة. فمنذ استعمالها في المجال الطبي وهذه التقنية تعزز تجارب المرضى والأطباء، وذلك عن طريق الشرح التوضيحي للعمليات الجراحية للمرضى، والمحاكاة التعليمية والعملية للعمليات الجراحية للمهنيين، وحتى الاستشارات الطبية والمؤتمرات عن بعد.
من أبرز النماذج الناجحة لتسخير الواقع الافتراضي في القطاع الصحي برامج التمارين الصحية باستخدام الواقع الافتراضي من GestureTek والتي تمكن المرضى من التفاعل بشكل آمن مع محيط افتراضي، واستخدام مركز المحاكاة للتدريب الطبي بكلية الجراحين الملكية في إيرلندا للواقع الافتراضي لإجراء تمارين محاكاة لأغراض تدريب الأطباء بدون مخاطر ولا تكاليف.
الرعاية الرقمية التعاونية
من المُسَلَّمات في مجالي العلوم الطبية والسلوكية أن المجتمعات ضرورية لرعاية المرضى وصحتهم. فقد بينت عدة دراسات أن سرعة الشفاء وتحسن الصحة النفسية للمرضى سببهما المجتمعات التي يكون فيها تعاون على الرعاية [6 و7]. ومنذ أن اكتشف القطاع الصحي هذا الأمر، وهو يعمل على مواءمة جهوده وتشجيع الرعاية المجتمعية بطريقة حديثة، وهذا ما أدى إلى ظهور الرعاية الرقمية التعاونية.
من الأمثلة على الرعاية الرقمية التعاونية تطبيق الرعاية المجتمعية لمقاطعة غووتشلاند (Goochland County Community Care) في الولايات المتحدة الأمريكية. مثل هذه التطبيقات أحدثت ثورة في متابعة المرضى ومساعدتهم عن طريق السماح لطرف آخر بتتبع الرعاية الرقمية المقدمة لهم والمشاركة فيها، مما ينشئ برنامجًا شخصيًا أكثر دعمًا وشموليةً للمستخدمين عن طريق تطوير ثقافة وقدرات رقمية.
التقارير المرئية والتصوير الطبي المحمول
في الثمانينيات من القرن الماضي، كانت معدات المستشفيات الضخمة في إطار المألوف، وكانت طوابير الانتظار الطويلة لاستخدامها أمرًا مقبولًا نظرًا لبطء وتيرة العصر التناظري وقلة الخيارات المتاحة. أما في العصر الرقمي سريع التطور الذي يعيش فيه اليوم جيل السرعة، فلم يعد التصوير الطبي التقليدي والاستشارات العادية تستحق الانتظار [8].
لذلك فقد توصل قطاع الرعاية الصحية إلى طريقة للتغلب على المواعيد التي تستغرق وقتًا طويلاً. فمع تزايد عدد المرضى الذين يحتاجون إلى استشارات سريعة ومريحة، ابتكر رواد القطاع الصحي الاستشارات الافتراضية والتصوير الطبي الذي يقوم به المرضى بأنفسهم باستخدام تطبيقات مبتكرة. ومع تطبيقات مثل تطبيق MDLive (تطبيق الاستشارات غير الطارئة عبر الإنترنت)، وتطبيق Rx Photo (تطبيق التصوير الطبي المحمول الموجه)، فلا عجب في إحداث الهواتف الجوّالة لثورة في القطاع الطبي.
المراجع:
[1] المجلة الأمريكية للرعاية المدارة، “التلعيب في الرعاية الصحية: ظهور المهنيين الرقميين؟”، 2019
[2] التجارة الرقمية 360، “تحديث وصول المرضى من خلال التفاعل الرقمي”، 2019
[3] أبحاث بارتلبي، “نظرية الحد من عدم اليقين في التواصل الصحي”، 2020
[4] المعهد الطبي المستقبلي، “5 طرق يغير بها الواقع الافتراضي الطبي الرعاية الصحية”، 2020
[5] المحاكاة الافتراضية، “الواقع الافتراضي في الرعاية الصحية”، 2020
[6] مجلة العلوم الصحية، “مساهمة الأسر في رعاية المرضى داخل المستشفى”، 2020
[7] منشورات مجلة أبحاث الإنترنت الطبية، “استخدام استراتيجيات إشراك المريض والأسرة لتحسين نتائج مبادرات تقنية المعلومات الصحية: استعراض النطاق”
[8] هارفارد بيلجريم هيلث كير، “جيل الألفية ومزايا الرعاية الصحية”، 2018
مراجع أخرى:
معهد المستقبلي الطبي، “أفضل 15 مثالاً على التلعيب في الرعاية الصحية”، 2017
